الكاتب أ.عبدالله النعيم
ستبقى مِشعلاً رغم طبقات الثّرى
الحمد لله الذي سخّر الكلمات تنفيسًا لقلوبٍ اعتصرها ألم الفقد وضماداً لأنفسٍ راعتها الفاجعة ، بالأمس رحل الحبيب وابن العم القريب والجار بالجنب لثلاثين عامًا المشعل للخير والتواضع مشعل بن محمد بن حمد النعيم سليل أول مؤسس للتعليم في إقليم الأحساء الشيخ حمد النعيم رحمهم الله جميعا..
رحل مشعل وتوسّد التراب وعَلَتهُ طبقات الثرى لكنّ سيرته وطيبة سريرته ستظل مُشعلةً مخلّده ، كان رحمه الله مثلاً أُطلِقهُ دائما للعابد المصلّي الحريص على صلاة الجماعة من غير أيّ ظاهرةٍ أو ملمح يدلّ على تديّنه في صورته الخارجية فكان المتدين الصالح في صورة الرجل العادي الحليق ، كنت أشاهدُ فيه حديث النبي محمد عليه الصلاة والسلام (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)
في هذا الحديث وفي هذه اللحظة تسترجعُ بي الذكّرى لصورة الفقيد وهو خارجٌ من بيته يصغي إلى صلوات المساجد فعندما شعر أنه لن يدرك الجماعة في المساجد المحيطة توجّه ماشيا إلى مسجد -بالطيور- الذي يتأخر في أداء الصلاة الأخيرة وهو ليس بقريب كل القرب من منزله..
إن مشعل الطيب نشِطَ في عبادته في آخر أيامه -كما حدثني أحد جماعة مسجده- وكأنّ بوارق الموت لاحت أمامه ، وكأنها استجابة لدعوة دعاها أو أمّن عليها “اللهم اجعل خير أيامنا أواخرها”
لا أُلامُ أن أسطّر كلماتي المفجوعة فيه وهو جار لنا لأعوامٍ عديدة فضلاً عن لُحمةِ النسب و وحدةِ الدم فو الله لم نرَ منه إلا كل خير ولم نذكر منه أيّة إساءة أو تضجّر..
في عزائه وعندما سلّمتُ على خلفه -الذين ظهرَ عليهم سمت أبيهم في طيبته وأدبه وكريم خصاله- سلامًا كادت تخنقني فيه العبرات فاحتضنتُهم واحداً تلو الآخر محمد وعبدالمحسن والدكتور منصور وعبدالعزيز وحمد وعبدالرحيم وفي كل احتضان لكل واحد منهم أسرُّ إليه بقلب متفطّر أن المُصاب مُصاب الجميع وأن رحيله حارقٌ جعل قلوب محبيه كالصريم..
هي الدنيا وفي كل فقد ورحيل نقول لها ذهب الذين نحبّهم فعليك يا دنيا السلام…والسلام
عبدالله بن أحمد الحسين النعيم – الأحساء