هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز؟

د. سامي بن عبدالعزيز النعيم

ارتفع سعر برميل  بترول سلة اوبك في أسواق النفط العالمية بأكثر من 10% خلال شهر يوليو الماضي حيث كان سعر سلة أوبك يلامس 90 دولار للبرميل في بداية الشهر و ارتفع إلى أن وصل إلى أكثر من 104 دولار للبرميل في نهاية الشهر متأثرا صعوداً ببعض الأحداث الجويوسياسية المتعلقة بتطبيق بعض الدول الغربية و في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية و بعض دول الإتحاد الأوروبي العقوبات الإقتصادية البترولية و فرض حظر إقتصادي بترولي على إيران لمنعها من تصدير البترول و ذلك لعدم وقفها برنامجها النووي المثير للجدل و عدم تطبيقها لشروط الوكالة الدولية للطاقة النووية. تشير الكثير من الدراسات البترولية و التوقعات إلى استمرار هذه الموجة العالية في الأسعار -نوعاً ما- على المدى القريب و ذلك لاستمرار هذه العوامل الجيوسياسية خلال نفس لفترة مع وجود تذبذب محدود نوعا ما ارتفاعا أو انخفاضا. 

المراقب لما يكتب هذه الأيام في الصحف الدولية يلاحظ أن مضيق هرمز و احتمال إغلاقه من قبل إيران رجع في الظهور في صفحات الصحف و نشرات الأخبار مرة أخرى، و ذكرت بعض مصادر الإعلام أن البرلمان الإيراني يدرس حاليا مشروع قانون يهدد بإغلاق هذا المضيق لمنع ناقلات النفط المٌصدر من الدول الخليجية كردة فعل لفرض الغرب العقوبات البترولية و الإقتصادية على ايران حيث تذكر بعض القارير أن أكثر من نصف أعضاء البرلمان الإيراني وقعوا على مشروع قانون الإغلاق. 

المعروف أن مضيق هرمز هو المضيق الاستراتيجي الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب وخليج عمان الذي من خلاله تمر جميع ناقلات النفط المصدر من دول الخليج العربي و العراق و إيران، حيث تشير بعض التقارير أنه خلال الأعوام القليلة الماضية أكثر من 17 مليون برميل بترول في اليوم يمر خلال هذا المضيق مما سيُحدِث هزة قوية في أسواق البترول العالمية إذا ما حاولت إيران إقفال هذا المضيق. فالبترول الذي يمر خلال هذا المضيق يمثل أكثر من 20% من الإستهلاك العالمي و أكثر من 35% من البترول المصدر دولياً من خلال البحر و أكثر من 50% من بترول دول منظمة أوبك المصدر. حدث مثل ذلك سوف لن يأثر فقط على اقتصاديات دول الخليج العربي التي تعتمد بشكل رئيسي على مبيعات البترول المصدر، و لن يأثر فقط على أسواق النفط العالمية الذي قد يؤدي إلى ارتفاع سعر البترول لأكثر من 200 دولار للبرميل، بل سوف يأثر أيضاً على إقتصاديات جميع دول العالم و خاصة الدول التي تعتمد على البترول المصدر من هذه المنطقة في شرق أسيا مثل اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين. بل سوف يتعدى ذلك ليأثر سلبا على الإنتعاش الإقتصادي العالمي مما قد يؤدي إلى كساد اقتصادي عالمي أسوأ من ذلك الذي حدث في منتصف عام 2008م. 

و السؤال هنا الذي لا و لن أستطيع الإجابة عليه هل تستطيع إيران إغلاق المضيق؟ و هل ستسمح بذلك دول المنطقة و الدول الكبرى التي لها مصالح إقتصادية كبرى في تلك المنطقة المتخمة –بفضل الله- بأكبر و أضخم احتياطيات بترول في العالم؟ 

يبقى لي أن أتمنى من الله سبحانه و تعالى أن يلهم الأخوة في إيران بالعمل على حل إشكال برنامجها النووي المثير للجدل مع الغرب و تطبيقها لشروط الوكالة الدولية للطاقة النووية لتجنب هذه السيناريوهات التي قد تقود هذه المنطقة إلى مستقبل مظلم

Shopping Cart
Scroll to Top